فقد شارك القطاع غير الربحي كشريك تنموي منذ تأسيس المملكة، واستطاع القطاع الاستجابة إلى متطلبات المجتمع التنموية، كتقديم الخدمات الإسعافية أثناء الحرب السعودية اليمنية في عام 1934م، والمساهمة في توفير الإعانات الاجتماعية بالتزامن مع إلغاء الرق في عام 1962م، وتوفير فرص التعليم للشباب، وبرامج الأمومة والطفولة. وبالرغم من توسع حجم القطاع ومجالات عمله إلا أنه لا يزال عدد المنظمات غير الربحية مقابل السكان في المملكة ضعيفاُ، حيث يبلغ عدد المنظمات غير الربحية لكل 10, 000 شخص في فرنسا ضعف مثيلاتها في المملكة العربية السعودية بمائتي مرة، وفي مصر 5 أضعاف مثيلاتها في المملكة العربية السعودية. كما قدم التقرير نظرة أعمق على معدل العطاء وتبرعات السعوديين ومعدل ساعات التطوع، والصورة الذهنية حول القطاع والمساهمة الاقتصادية للقطاع غير الربحي فأشار التقرير بأن هذا القطاع يعد الأسرع نمواً حيث تقدر مساهمته الاقتصادية بين 3 و4. 3 مليار ريال بنسبة نمو سنوية تصل إلى 10%. ويطرح تقرير "آفاق القطاع غير الربحي" لعام 2018م تصور أوسع عن مساهمة القطاع في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 حيث يظهر اتساع مساهمة القطاع في معظم الأهداف الاستراتيجية للرؤية مثل هدف تمكين حياة عامرة وصحية وهدف تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية.
مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية «مسك» تتجه لأن تكون رائدة التنمية البشرية، بمواصلة مبادراتها في المجال التعليمي والتدريبي بدءاً من مدارس الرياض وانتهاءاً بتأسيس كلية ريادة الأعمال التي أعلن عنها مؤخراً بشراكة عالمية متميزة، وذلك بفضل رؤية قائدها، مهندس الرؤية السعودية 2030، سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. صاحب الرؤية أشار في ثنايا أحاديثه عن الرؤية السعودية إلى التوجه نحو الارتقاء بمساهمات القطاع الثالث وأحد أركانه تنمية نظام ومساهمة المؤسسات غير الربحية، بما في ذلك فكرة تحويل بعض الجامعات أو المستشفيات إلى مؤسسات غير ربحية. لذلك نجدها فرصة لاقتراح فكرة تحويل مؤسسة مسك من منظمة خيرية إلى منظمة غير ربحية. بعيداً عن تفاصيل التعريفات والفروقات بين الخيرية وغير الربحية، والتي يدركها المهتمون بهذا المجال، نشير إلى أن المؤسسات الخيرية تنفق ريعها في أعمال خيرية ومداخيلها تعتمد على التبرعات الخيرية. بينما المنظمات غير الربحية تستخدم الجزء الأكبر من مواردها لتنمية أعمالها وبالتالي توليد مزيد من الفرص والأعمال، وتحكمها النظم المؤسساتية التجارية المعروفة باستثناء إعفائها من الضرائب والرسوم الحكومية ومنحها امتيازات إضافية تساعدها على تحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية.
2598 منظمة غير ربحية تساهم بأكثر من 4. 3 مليار في الناتج المحلي الإجمالي مؤسسة الملك خالد تُصدر التقرير المرجعي الأول للقطاع غير الربحي في المملكة المواطن - الرياض كشفت مؤسسة الملك خالد في تقريرها الجديد "آفاق القطاع غير الربحي 2018م" أن على القطاع غير الربحي السعودي أن ينمو سنوياً بوتيرة طموحة تتراوح بين 38% و51% لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي تطمح بزيادة مساهمة القطاع غير الربحي لتصل إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي السعودي. كما قدرت المؤسسة عدد المنظمات غير الربحية السعودية بـ (2, 598) منظمة بين جمعيات ومؤسسات أهلية، جامعات ومستشفيات غير ربحية، جمعيات تعاونية، أندية أدبية، هيئات مهنية، وغيرها من الكيانات غير الهادفة للربح. واشتمل التقرير على بيانات وأرقام وتحليلات لأنشطة ومنظمات القطاع غير الربحي السعودي. وتهدف المؤسسة من خلال هذا التقرير لإنشاء مرجع يوضح حجم مساهمة القطاع غير الربحي التنموية والأثر الاقتصادي والاجتماعي الذي يستطيع إحداثه على أصعدة مختلفة مثل تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وخلق الوظائف اللائقة، وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية. ويعد القطاع غير الربحي من أكثر القطاعات المواكبة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية بشكل ملحوظ ومتسارع.
تتميز المنظمات غير الربحية بملامسة احتياجات المجتمع، إذ إنها الجهة الفاعلة على الأرض التي تسعي جاهدة لتلمس أوجه النقص من خلال برامج ومبادرات اجتماعية وشراكات فاعلة أثبتت وجودها خلال ستة عقود من العمل الاجتماعي المنظم للجان والجمعيات والمؤسسات الأهلية تحت إشراف حكومي من خلال استقطاب الداعمين مادياً ومعنوياً وتقديم مشاريع وبرامج تنموية هادفة استطاعت أن تنتقل بهذه الجهات في السنوات الأخيرة من الرعوية إلى التنموية، آخذة بمبدأ التمكين والتأهيل للفئات والجهات المحتاجة.. ومع صدور لائحة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وانبثاق رؤية 2030 الطموح للمملكة، أصبح لزاماً تحفيز هذا القطاع وتنميته وتعظيم إسهاماته في تحقيق تلك الرؤية، ذلك لأن المنظمات غير الربحية هي الجهات التي يعبر فيها أفراد المجتمع عن تحقيق الذات، والمساهمة في التنمية والتطوير، وقبل ذلك الحصول على الأجر والثواب، والإحساس بالرضا الشخصي، والتقدير الاجتماعي الذي يزيد من تشجيع طاقات المجتمع ويزيدها إبداعاً وتألقاً. كشفت دراسة قامت بها مؤسسة الملك خالد الخيرية التي تعنى بتأهيل وتطوير قدرات المنظمات غير الربحية عن القطاع في عام 2018 عن تشعب مجالات هذه المنظمات في المملكة، واختلاف ارتباطها التنظيمي بين أكثر من 13 جهة حكومية، بالإضافة إلى أن حصر منظمات القطاع في الجمعيات والمؤسسات الخيرية لا يعكس حجم القطاع الحقيقي في المملكة، إذ يصل إجمالي عدد الجمعيات والمؤسسات الخيرية المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى 1, 125 منظمة، وبعد رصد مؤسسة الملك خالد لهذا القطاع واحتساب جميع الجهات والمؤسسات الأهلية والجامعات والمستشفيات غير الربحية والجمعيات العلمية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم والمكاتب التعاونية للدعوة للإرشاد ولجان الغرف التجارية والهيئات المهنية وغيرها وصل هنا الرقم إلى 2598 منظمة أي أكثر من الضعف.. كما لاحظت الدراسة ذاتها تقاطعاً في أنشطة هذه المنظمات فيما بينها، وتنوعاً في المجالات كالإسكان الخيري، والخدمات الصحية، والخدمات التعليمية والبحثية، والثقافة والتراث فضلاً عن الخدمات الاجتماعية ورعاية المسنين والهيئات والجمعيات العلمية والمهنية.. وترصد الدراسة، أنه بعد إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، نمت طلبات التأسيس لجمعيات ومنظمات جديدة حتى وصلت بنهاية عام 2016 إلى 9015 طلبا.. مما يشكل أربعة أضعاف الرقم الحالي للمنظمات مما يعطي دلالة دامغة لا تقبل الشك عن النمو المطرد الذي ينتظره هذا القطاع المهم، والذي يشهد أيضاً نموا مطرداً في توليد الوظائف بتوسع القطاع والذي يشمل حالياً 47, 000 موظف بحسب الدراسة وفي تكافؤ متقارب بين الجنسين، بالإضافة إلى أن معدل النمو السنوي لمساهمة القطاع في الناتج المحلي بلغ 10.
وقد صرحت صاحبة السمو الملكي الأميرة البندري بنت عبد الرحمن الفيصل الرئيس التنفيذي لمؤسسة الملك خالد بأنّ هذا التقرير يعد تتويجاً لعمل المؤسسة خلال السبعة عشر عاماً الماضية في مجال تمكين القطاع غير الربحي، حيث أن حجم القطاع عند بداية عمل المؤسسة في عام 2001م لم يتجاوز 115 جمعية ومؤسسة أهلية، ليتخطى اليوم عدد 1125 جمعية ومؤسسة أهلية. وتوصي المؤسسة بتوسيع نطاق عمل القطاع غير الربحي، وتمكينه من المزيد بالمساهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030، عبر تخصيص برنامج تنفيذي لتحقيق رؤية المملكة 2030 لتعظيم أثر القطاع غير الربحي، أسوةً بغيره من برامج تحقيق الرؤية مثل برنامج ريادة الشركات الوطنية، وبرنامج تطوير القطاع المالي. بالإضافة إلى تأسيس هيئة وطنية مستقلة لتنمية القطاع غير الربحي، تعنى بأدوار التسجيل والترخيص والتمكين والتنظيم للقطاع، بدلاً من التشتت الحالي في تنظيم القطاع بين أكثر من 13 جهة حكومية. وشجعت سمو الرئيس التنفيذي جميع المساهمين في التنمية، سواء كانوا جهات ربحية أو حكومية أو أفراداً إلى المساهمة في القطاع غير الربحي، من خلال التطوع والعطاء ودعم منظمات القطاع غير الربحي. الجدير بالذكر أن المؤسسة منذ نشأتها سعت لتطوير القطاع غير الربحي من خلال مساهمات ومبادرات مختلفة كعمل تقارير وورش عمل وشراكات استراتيجية مختلفة تساهم بشكل فعال في زيادة الوعي والإدراك لأهمية هذا القطاع على المستوى الفردي والمجتمعي وتشجع جميع القطاعات على الاستعانة بهذا القطاع لتنمية الاقتصاد ووضع أسس وقوانين من شئنها مواكبة متطلبات المجتمع والتنمية والاقتصاد.